من المهم تعليم الاطفال مهارات ريادية

ليست مهمة رائد الأعمال سهلة دائماً، فعليه أن يعمل بجد واجتهاد، وأن يستثمر في بعض الأحيان كل ما يملك من المال، وبعد ذلك، عليه أن يتعلم كيف يوازن بين حياته الشخصية وعمله، خصوصاً بعد تأسيس شركته الخاصة. وأياً كانت الصعوبات، إلا أنها جميعاً تعلمنا الكثير من الدروس القيّمة، وحتى الفشل يدفعنا لإدراك أهمية المثابرة والصبر لتحقيق أهدافنا.

وهذه الدروس بحد ذاتها مهمة جداً للأطفال، مهما كان المسار الذي سيختارونه في حياتهم في المستقبل، لأنها تسهم في تدريبهم على الصبر والتواضع، وعلى المهارات التي يحتاجون إليها في مختلف جوانب الحياة.

تقدير قيمة المال

لا بد أنكم تتذكرون شعور السعادة والفخر عندما حصلتم على أول مبلغ مالي من أول وظيفة في عملكم الخاص. وهذه فرصة يجب أن نمنحها لأبنائنا أيضاً. يمكننا مثلاً تكليفهم بتأدية الأعمال المنزلية حتى المملة منها، مثل طي الملابس أو رمي القمامة مقابل المال، حيث تختلف نظرتنا إلى المال الذي نحصل عليه مقابل عمل نؤديه عن المال الذي نحصل عليه دون مقابل.

إدارة المال بحكمة

يمنحنا المال الذي نكسبه بعرق جبيننا السعادة والفخر، إلا أن الحكمة في إدارة هذا المال هي ما يجب علينا التحلي به.

وهنا تبرز أهمية تعليم الأطفال كيفية إدارة أموالهم بذكاء.

يطلق رواد الأعمال مشاريعهم بمبلغ محدودٍ من المال، وحتى عندما يحققون النجاح، عليهم الانتباه إلى أهمية إنفاق المال بشكل مدروس. ويمكن تعليم الأطفال كيفية الادخار والإنفاق وإدارة أموالهم بحكمة، من خلال توجيههم لوضع المال في حساب مصرفي أو في مكان لا يمكنهم الوصول إليه بسهولة ومساعدتهم على وضع خطة لجمع مقدار معين من المال وتحديد أهداف الادخار.

تنمية حب الاطّلاع

يساهم الفضول وحب المعرفة في تحفيز رواد الأعمال على إطلاق شركات متميزة تقدم حلولاً مبتكرة. وفي حين يسعى الآباء والأمهات لتحفيز أبنائهم على النجاح.

قد تدفعنا وتيرة الحياة السريعة ومتطلباتها الصعبة إلى تجاهل أسئلة أطفالنا المستمرة واستفساراتهم.

علينا أن نخصص الوقت الكافي لهذه الأسئلة على الدوام، بل وعلينا طرح الأسئلة عليهم أيضاً، لإثارة حب الاطّلاع لديهم وتشجيعهم على البحث عن إجابات على أسئلتهم وأسئلتنا، وإتاحة المجال للنقاش وتبادل الأفكار. ويمكن أن يساعد طرح أسئلة غير مألوفة أو الاستفسار عن معلوماتٍ حول المهام اليومية أو المنتجات أو الخدمات في تقديم أفكار جديدة تشكل فكرة لإطلاق مشروع ناجحٍ وضخم.

أهمية التواصل الاجتماعي

يختبر رائد الأعمال مجموعةً متنوعة من تجارب النجاح والفشل الفردية التي لا يشاركه فيها أحد. ومن هنا ندرك أهمية تواجد الأطفال في محيط اجتماعي مناسب.

 شجعهم على المشاركة في اللعب والأنشطة المدرسية، حتى لو تطلب ذلك منا المال والوقت.

لأن هذه الأنشطة تساعدهم على تكوين علاقاتٍ تستمر مدى الحياة وتعلمهم أهمية وجود أشخاص حولهم لدعمهم عند بداية مشروعهم الخاص.

ريادي ذو رؤية

من الممكن أن يبالغ رواد الأعمال في التركيز على شركاتهم الناشئة مما يؤثر على حياتهم الشخصية ويستنزف قدراتهم، كما يحجب عنهم أهمية محيطهم الأوسع وضرورة التفاعل معه وتأدية الواجبات تجاهه. وهنا تظهر أهمية تشجيع الأطفال على المشاركة في الأنشطة الاجتماعية، وتعليمهم معنى العطاء ودوره في ترك أثرٍ يدوم طويلاً.

أهمية التعاطف الإنساني

يُعدّ التعاطف الإنساني مع الآخرين من أهم السمات الشخصية للأفراد الناجحين، فهي تساعد على فهم الآخرين بشكل أفضل، وتمهيد الطريق للنجاح وتحقيق الأهداف. لذا علينا توفير مساحةٍ خاصة تتيح للأطفال مشاركة نشاطهم اليومي والتعبير عن عواطفهم، مع التركيز على أهمية إجراء حوارات معهم في مساعدتهم على فهم عواطفهم بشكل أفضل والقدرة على استكشاف عواطف الآخرين لاحقاً.

الفشل طريق النجاح

لا يزعجنا سقوط أبنائنا عندما يتعلمون المشي، بل نشجعهم على متابعة المحاولة. لكن رغبتنا الكبيرة في حماية أطفالنا تستيقظ لاحقاً لنحاول حمايتهم في جميع خطواتهم من الفشل.

وننسى أن الفشل يشكل جزءاً من طبيعة الحياة والمخاطر التي تتخللها.

لكن حتى التجارب الفاشلة تساهم في تزويد رواد الأعمال بخبراتٍ تساعدهم على تخطي التحديات وتحقيق النجاح.

كما يساهم منح الأطفال الحرية وإتاحة الفرصة لهم لاختبار الفشل في تزويدهم بالكثير من المعلومات حول أنفسهم وحول الحياة وتنمية شعور التواضع لديهم. ويحفز الفشل الأطفال على الاستمرار وتحقيق النجاح في نهاية المطاف، ويمهد الطريق لبناء جيل المستقبل من رواد الأعمال الذين يتميزون بالمرونة.

وتتميز ريادة الأعمال بأجواء المغامرة والحماس، وهي بالتأكيد غير مناسبة للجميع، إلا أن العمل على زرع بذور ريادة الأعمال في أطفالنا تتيح لهم تعلم مهارات متنوعة وخبرات قيّمة في وقت مبكر. وأياً كان المسار الوظيفي الذي يختارونه، يساهم تحلّيهم بطريقة التفكير الصحيحة في تقدمهم وتعزيز تفاعلهم الإيجابي مع العالم. وتساعد مهارات ريادة الأعمال وتعلمها في سن مبكرة على تنمية إمكانات الأطفال، لتحويلهم إلى أشخاص يتمتعون بالذكاء والعزيمة والإصرار والتواضع ويتمكنون من تحقيق النجاح في المستقبل.

بقلم هيلين العزيزي - رئيس تنفيذي BizWorld UAE