خطوات سهلة للانطلاق في رحلة ريادة الأعمال ذات التأثير المجتمعي

أكثر سؤال يقابلني الناس به هو من أين جاءت فكرة تأسيس مشروعي الخاص، شركة C3. وأعترف بأن الفكرة لم تأتِ وليدة عمل بطولي أو تجربة مفصلية في حياتي؛ بل جاءت نتيجة شعورٍ بالإحباط.

التطوع

عندما كنتُ في سن المراهقة اعتدتُ التطوع لمساعدة كبار السن في دار العجزة القريبة وتدريس الأطفال المحرومين وخدمة المشردين في الملاجئ الحكومية.

ورغم أنني كرّست الكثير من الجهد والالتزام طوال سنوات حياتي، كنتُ أشعر دائماً أن قدراتي أبعد من ذلك بكثير.

وخلال تحضير رسالة الماجستير في نيويورك، حرصتُ على المشاركة في مشاريع تطوعية تعتمد على المهارات، مما أتاح لي فرصة توظيف خبراتي التجارية في دعم المنظمات غير الحكومية والمشاريع المجتمعية التي تحتاج إلى دعم استشاري من متطوعين خبراء؛ ومنحني وسيلة أفضل لاستثمار وقتي وخبرتي.

دبي

وبعد بضع سنوات واجهت صعوبةً في إيجاد منظمات تتيح فرص تطوع بحسب الخبرات التخصصية في دبي؛ وكنت أرغب في مساعدة صنّاع التغيير ممن أسسوا شركاتٍ تهدف إلى خدمة قضايا بيئية واجتماعية ودعمهم في رسم نموذج عمل مستدام. ولطالما كنت أؤمن بأن المشاريع الاجتماعية هي السبيل الأكثر استدامة وجدوى لتخطي التحديات العالمية، وهذا ما دفعني لخوض هذه التجربة.

أمضيتُ صيفاً كاملاً أتذمر من قلة فرص التطوع التي تأخذ بعين الاعتبار الخبرات التخصصية، إلى أن قال لي زوجي بكل بساطة: "لما لا تطلقين عملكِ الخاص بهذا المجال بدلاً من التذمر"، كما زودتني صديقتي اللطيفة راما شقاقي بقائمة تضم أسماء رواد الأعمال الذين يحتاجون للمساعدة.

خلاصة القصة أنني بدأت رحلة دعم هؤلاء الرواد القلائل بمفردي، ثم انضم إلي عدد من المحترفين الذين يتشاركون معي الرؤية ذاتها.

تعرفت لحسن الحظ إلى آنا ليزا جوجز، المؤسسة المشاركة، والتي ساندتني في تطوير مشروعٍ مجتمعي وتحويله إلى منصة شاملة. ومنذ تأسيس C3 نجحنا في دعم أكثر من ١٠٠٠ رائد أعمال ناجح، وتأسيس شبكة تضم٤٠٠٠ خبير، والتواصل مع أكثر من ١٠٠ مستثمر مغامر وشركة استثمارية من خلال العديد من برامج تسريع الأعمال في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وبدعم من شركات مرموقة، مثل إتش إس بي سي HSBC وأكسنتشر Accenture وستاندرد تشارترد Standard Chartered وإنجي Engie وشبكة ديسكفري Discovery Network والكثير غيرها.

من كان ليصدق أن لحظة إحباط عابرة هي الدافع وراء تأسيس منصة إقليمية تدعم رواد الأعمال. لم يتطلب الأمر سوى الإصرار على النجاح ومجموعة من المعارف الرائعين وميزانية محدودة.

والآن، دعوني أخبركم كيف يمكنكم أنتم وأطفالكم الانطلاق في مسيرتكم كرواد أعمال ناجحين من خلال خطوات بسيطة:

حددوا رسالتكم

تعلمتُ من خلال تجربتي أننا نحن من عليه أن يبدأ بصناعة التغيير الذي نتطلع إلى رؤيته في العالم. وهذا هو المفهوم الذي يمكنكم تعليمه لأطفالكم في مراحل مبكرة.

كن التغير الذي تريد أن تراه في العالم.

حاولوا مراقبة العالم من حولكم وتعرفوا إلى التحديات التي تواجه مختلف المجتمعات للتوصل إلى أساليب جديدة تساعد على تخطي هذه التحديات؛ هذه هي عقلية ريادة الأعمال التي تضمن لكم بلا شك تأدية دور المثل الأعلى بنجاح. ويبرع الأطفال في هذه المهارات على نحو مفاجئ، فهم يرون العالم من منظور مختلف وبعين ملؤها التسامح، مما يعني إمكانية غرس جوهر التغيير لدى أجيال قادة الغد منذ طفولتهم لنضع مستقبلنا في أيدٍ أمينة.

أحيطوا أنفسكم بمن يشبهكم

لطالما كانت الجهود الجماعية فعالة أكثر في تحقيق نتائج مثمرة، لذلك احرصوا دائماً على التواجد بقرب أشخاص يتشاركون معكم الرسالة والمبادئ نفسها. لأن تضافر الجهود يضمن الحصول على نتائج ملموسة أكثر. ويمكنكم غالباً العثور على هؤلاء الأشخاص ضمن محيطكم المباشر أو حتى من خارجه، لأن مجتمعاتنا مليئة بأصحاب النوايا الحسنة.

وهذا شرط أساسي لنجاح مشروعكم بعد توفر الثقة بالنفس وبأهمية ما تقومون به.

اخرجوا قليلاً من دائرة عائلتكم وأصدقائكم ومعارفكم واسمحوا لأنفسكم وأطفالكم ببناء شبكة علاقات تضفي قيمةً أكبر على رسالتكم، وسيدهشكم عدد الخبراء والمحترفين الراغبين بمرافقتكم في رحلتكم لإحداث أثر على المجتمع . شجعوا أطفالكم على طلب المشورة من معلميهم وأصدقاء العائلة والأقارب أو حتى من مختلف أفراد مجتمعهم، لأن ذلك يساعدهم على اكتشاف محيطهم بأنفسهم.

قرشكم الأبيض يتحول إلى مشروع ناجح

توقفوا عن التردد وانتظار اللحظة المناسبة للانطلاق في مشروعكم بحجة أنكم تفضلون التفكير والتمعن في كافة تفاصيله. بل شجعوا أطفالكم على اتخاذ الخطوة الأولى فهذه الطريقة تسمحون لهم باستكشاف التفاصيل خلال الرحلة والتعلم منها. ومن الطبيعي أن يرتكبوا بعض الأخطاء خلال هذه التجربة.

ولكن تعليمهم ثقافة الادخار البسيط تساعد في تقوية شخصيتهم وتضمن لهم النجاح عند الاستثمار لاحقاً في مشاريع كبيرة. علموهم التفكير في سبل إدارة الأموال وإدراك أهمية الادخار والاستثمار منذ الصغر، ولا شك أنهم سيستمتعون بمحاولة تحقيق التوازن بين تطلعاتهم وأرباحهم.

ربما يكون من الصعب مناقشة أسرار المشاريع الناجحة مع الصغار واليافعين، ولكن مع تبسيط التفاصيل والوصول تدريجياً إلى جوهر الموضوع، ما عليكم سوى دفعهم لتولي زمام المبادرة وحل التحديات التي يصادفونها في حياتهم وتشجيعهم على طلب المساعدة والتخطيط المسبق والتركيز على هدف محدد ربما يقودهم إلى إحداث نقلة نوعية في حياتهم.