كيف أتعامل مع طفلي الذي يريد الحصول على كل ما يراه وهو ليس بحاجته

تبدو مهمة تأمين الاحتياجات الأساسية لأطفالنا مثل الطعام والشراب والسكن والملابس تجربة سهلة في البداية. ولكن لا بد أن يأتي الوقت الذي سنواجه فيه بعض التحديات حين نحتاج أن نشرح لهم الفروقات الأساسية بين الاحتياجات والرغبات. وخلال تجربتي كأم وموظفة تعمل في مجال تسويق المنتجات والخدمات العائلية عبر الإنترنت، حرصتُ على تدريب أطفالي منذ صغرهم على التمييز بين الاحتياجات الأساسية والرغبات من خلال الخطوات التالية:

وضع قواعد محددة والالتزام بها

عندما أذهب مع أطفالي للتسوق، نقوم عادةً بوضع بعض القواعد قبل خروجنا مثل:

1) سنركز على شراء ما نحتاجه وليس ما نرغب بشرائه، 2) نتفق مسبقاً حول ما يمكنهم شراؤه وما لا يسمح لهم بالحصول عليه، 3) نتذكر الهدف الأساسي من جولة التسوق هذه، على أمل أن تتناقص طلباتهم العشوائية قدر الإمكان.

لكن في النهاية، من الطبيعي ألا تحقق هذه القواعد النتيجة المطلوبة دائماً، وسيجد الطفل كل مرة شيئاً يعجبه ويصر على الحصول عليه. وهنا أتبع الخطة الثانية، وهي تحديد قائمة الأمنيات! فعندما تعجبهم لعبة جديدة مثلاً، نلتقط صورة لها ونضيفها إلى قائمة الهدايا التي يفضلون الحصول عليها في عيد ميلادهم أو عيد الميلاد المجيد أو عيد الفطر وعيد الأضحى. ومع مرور الوقت ينسى الأطفال العديد من هذه الخيارات، وينجح القليل منها في الوصول إلى قائمة الهدايا النهائية.

ومن المؤكد أن كل ما سبق لن يحول دون حدوث نوبات الغضب المفاجئة خلال جولة التسوق وخصوصاً مع الأطفال الأصغر سناً. وهذا ما يحدث مع ابني زيد الذي يبلغ أربع سنوات.

ويبقى السر وراء نجاح هذه الطريقة في الالتزام بالقواعد المحددة والتواصل الحقيقي مع الأطفال قبل وبعد وخلال التسوق.

ومهما بدت لكم مهمة الالتزام بالقواعد صعبة في البداية، لكن من الضروري جداً عدم تقديم البدائل أو الاستسلام لرغبات الطفل مهما كلف الأمر. وأعدكم بأن أطفالكم سيتعلمون الدرس بسرعة وسيصبح التسوق معهم أسهل مع الوقت.

توضيح بعض المفاهيم الأساسية عن المال

يشعر ابني ليث، وهو في السابعة من العمر، بأنه يهدر المال حتى لو صرفه على أشياء هو بحاجة إليها. ومن جهة أخرى، تقوم ابنتي فرح ذات العشرة أعوام بتوفير مصروفها ولا تريد إنفاق أي جزء منه. لذلك كان عليّ توضيح بعض النقاط الهامة لأطفالي، مثل أننا ننفق المال أحياناً على الأشياء التي "نحتاجها" وأحياناً أخرى على الأشياء التي "نرغب" بالحصول عليها، وفي الحالتين لا يعتبر هذا الإنفاق هدراً للمال. فمن الضروري أن يفهم الأطفال هذه الأفكار في المراحل العمرية المبكرة.

ومن المفيد أيضاً أن يقوم أطفالكم بمقارنة بسيطة عن الأشياء التي تعتبر غالية الثمن وبين ما يمكن تحمل نفقته. لأن إعطائهم حجة أن شيء ما "غالي الثمن" غير مقنعة بما يكفي، ولا توضح لهم أهمية فكرة الاحتياجات في مقابل الرغبات. وبالنسبة لي، أفضل أن أطرح عليهم السؤال التالي: هل يمكنكم تحمل نفقات هذه القطعة؟ ثم أؤكد لهم أننا سنشتري في البداية الأشياء التي نحتاجها، ومن ثم يمكننا شراء أي شيء آخر في حال يمكننا تحمل نفقته.

استكشاف الدوافع الشرائية لدى الأطفال

ستتساءلون في كثير من الأحيان حول "حاجة" طفلكم الملّحة للحصول على مليون قطعة من لعبة باو باترول. والسبب وراء ذلك في حقيقة الأمر هو كمية العوامل الخارجية التي تؤثر عليهم وتدفعهم لشراء العديد من الأشياء، ولذا من المفيد محاولة اكتشاف هذه العوامل مع أطفالكم. والطريقة الأبسط للقيام بذلك هي بسؤالهم: ما السبب وراء إلحاحكم؟ هل لأن صديقكم اشتراها أم لأنكم تحتاجونها أو تريدونها حقاً؟ وحالما نعلم السبب الحقيقي لرغبتهم بشراء شيء ما، يمكننا البدء بإيجاد حلول مناسبة للحالة.

وبالعودة لابنتي فرح، التي تمكنت مع مرور فترة من الزمن أن تدرك تأثرها بأصدقائها أثناء تصفحها لخياراتها المتعلقة بشراء شيء ما.  

فمؤخراً، اشتركت صديقة لها في دروس الجمباز وأرادت فرح أن تشارك أيضاً، وشعرتُ بالفخر عندما قالت لي أنها تريد أن تدرس الخيارات المتوفرة أمامها لأماكن أخرى لتعلم الجمباز قبل أن تختار المكان المناسب لها، بدلاً من التسجيل مباشرةً في المكان الذي اختارته صديقتها.

دعم الأطفال في عملية اتخاذ قرارات الإنفاق

مع الأسف، لا يمكننا التخلص من جميع العوامل التي تؤثر على خيارات أطفالنا، فابني ليث على سبيل المثال متأثر بشدة بتطبيق يوتيوب. ويريد كل ما يشاهده على التطبيق، وبعد وقتٍ قصير يطالب أخوته بالحصول على الشيء ذاته. علماً أنني أشرح لهم مطولاً عن الإعلانات المدفوعة، وأضع نفسي كمثال واضح أمامهم عن كوني أحصل على المال من خلال التسويق الإلكتروني على الإنترنت.

ولمساعدتهم في اتخاذ القرارات الصحيحة، اقترح عليهم القيام بمراجعة الأسباب التي أدت لاتخاذهم هذا القرار الجماعي، وكيف يرغبون جميعهم بشراء الشيء نفسه.

 ثم نقرأ التعليقات على متجر أمازون ونقرر بعدها إذا كنا نريد شراء منتج ما أم لا. وسيعتاد الأطفال مع الوقت أن عملية شراء الأشياء لا تعتمد على رغبتنا بالشراء وحسب، بل على حاجتنا إلى شرائها. وسيدركون أيضاً أهمية البحث الذي نقوم به للتأكد من جودة الأشياء قبل الإنفاق عشوائياً.

تخصيص مصروف شهري للأطفال لإدارته بأنفسهم

عندما يحمل الأطفال مصروفهم الشخصي خلال جولة التسوق، تتكون لديهم فكرة عن الأسعار، ويتعلمون كيفية تقييم الأشياء التي يرغبون بالحصول عليها أو التي يحتاجونها حقاً. وأترك لهم حرية التصرف بقراراتهم، وعندما يستخدمون كل مصروفهم في شراء شيء غير ضروري، فهذا درس لهم في إدارة مصروفهم بحذر.

المصروف الشخصي هو المفتاح الرئيسي لمساعدتهم في الميزانية والتصرف بذكاء أكثر فيما يخص قراراتهم المالية.

وندرك جيداً أنه ليس من السهل أبداً توضيح الفارق للأطفال بين الاحتياجات والرغبات خصوصاً مع وجود الكثير من الدوافع التي تؤثر على الأطفال وعلى قراراتهم المالية، لكن السر في التواصل الشفاف معهم، والبدء بتطبيق هذه الأساليب بعمر مبكر. فغالباً ما تكون النقود فكرة غامضة بالنسبة للأطفال أو صعبة الفهم، لذلك من المهم منحهم مصروف شخصي وبعض الأدوات التي تساعدهم في إدارة ميزانيتهم الصغيرة ليتعلموا من خلالها. ومما لا شك فيه أن أطفالكم سيستوعبون هذه الفكرة تدريجياً كلما التزمتم أكثر بالقواعد التي قمتم بوضعها منذ البداية.

بقلم سيما نجار - رائدة الأعمال والكاتبة الشهيرة على وسائل التواصل الاجتماعي