٨ من أهم المبادئ والدروس المالية الضرورية لأطفالنا اليوم

في ظل الأزمات العديدة التي يعاني منها العالم اليوم على مختلف الصعد، والتي تلقي بتبعاتها الاقتصادية على سكان العالم في مختلف الدول، أصبحت الثقافة المالية العامة أكثر أهمية من أي وقت مضى. ولا شك أنه من الصعب على أطفالنا أن يستوعبوا مفاهيم المال والعمل، نظراً لحصولهم على احتياجاتهم الأساسية دون جهد أو تفكير،.

ولذا تقع مسؤولية توعيتهم بهذه القضايا الأساسية على عاتقنا كمربين؛ لتحضيرهم بشكل كافٍ لتولي مختلف مسؤولياتهم الاقتصادية مع تقدمهم في السن، بما فيها من سداد الفواتير وتأمينات التقاعد وإعداد الميزانيات، بشكل سلس دون أي ضغوط أو قلق.

وندرك أن المعلومات والمفاهيم الاقتصادية لا حصر لها، لكننا جمعنا اليوم المبادئ الثمانية الأهم التي يحتاجها أطفالنا للتحلي بثقافة مالية ملائمة تسمح لهم باتخاذ القرارات الاقتصادية الواعية مع نموهم.

المال لا ينمو على الاشجار

قد يعتقد الكثير من الأطفال أن الصرافات الآلية والبطاقات المصرفية هي أدوات سحرية تغدق عليهم المال الضروري لشراء حاجاتهم، لذلك لابد من توضيح الرابط بين المثابرة والعمل  مع جني المال؛ حيث يتوجب على الوالدين تعريفهم بجوانب العمل والرواتب، بما فيها من ساعات وأيام العمل اللازمة لدفع مختلف الاحتياجات التي يطلبونها،.

بل من الأفضل منحهم مصروف جيب محدد، ليشعروا بقيمة المال وتوعيتهم بهذه الجوانب. وننصح الوالدين بمحاولة استخدام الدفع النقدي للمشتريات اليومية أمام أطفالهم الذين لا يتجاوز عمرهم 7 أعوام، أو شرح تفاصيل المبادلات المالية التي تحدث عند استخدام البطاقات المصرفية.

الفوائد البنكية سلاح ذو حدين

قد تمثل الفائدة البنكية ميزةً إيجابية رائعة في حالة استحقاقها على حسابات الإدخار المصرفية وغيرها من الأدوات المالية؛ حيث تزيد ثروتنا الإجمالية وتعمل لصالحنا، لكنها تمثل أيضاً، بجانبها الآخر عدونا الأكبر، بما تضيفه من طبقات من الديون على القروض ونفقات بطاقات الائتمان.

ولذلك يتحتم علينا توضيح ميزاتها الإيجابية لأطفالنا من خلال إضافة نسبة فائدة محددة وحساب تأثيرها على مدخراتهم أو مراجعة كشوفات المصرفية معهم، كما يمكننا شرح وجهها السلبي من خلال فرض فائدة على الأموال التي يستدينها الأطفال منا بعد انتهاء مصروفهم؛ ليدرك أطفالنا التأثير الهائل الذي تتمتع به الفوائد وضرورة التعامل معها بحذر ووعي.

مفهوم التضخم وكيفية التغلب عليه

يزيد التضخم من أسعار المنتجات مع مرور الوقت ويدفعنا لدفع مصاريف أكبر على نفس المشتريات.

لذلك من المهم فهم أطفالنا للحاجة إلى تحقيق عوائد تساوي  أو تفوق نسبة التضخم للمحافظة على قيمة أموالنا أو زيادتها، وإلا سيواجهون خسارةً في القيمة الشرائية للأموال.

لذلك يجب اطلاعهم على مفهوم التضخم مع بلوغهم عامهم سن 12 أو 13 عاماً، ومنحهم المساعدة والإرشاد لزيادة قيمة أموالهم مع الوقت، من خلال إعطائهم فكرة عن الفرق بين الأسعار في الماضي واليوم؛ لتقارنوا سويةً ما يمكن جنيه من استثمار لنفس مبلغ المال في سوق الأسهم أو حساب إدخار يمكنهم من الحصول على  الفوائد، بالاستناد إلى معدلات التضخم خلال السنة الفائتة، ليدركوا الدرس الأهم بضمان عدم انقلاب مدخراتهم عليهم.

الوجه الإيجابي للديون

عندما نتعامل معها بشكل ذكي قد تؤمن لنا الديون على المدى البعيد مردوداً يفوق السلبيات قصيرة الأمد. وبهذا تصبح الديون وسيلة مساعدة بدلاً من مجرد كونها التزاماً وحملاً زائداً؛ وقد تتيح لنا بعض أنواعها فرصاً لزيادة إمكانية الربح.

ويمكن شرح النواحي الإيجابية لأطفالنا من خلال الاستعانة بأمثلة واقعية، في حال وجودها.

أو من الممكن إقراضهم النقود لبدء مشاريعهم الخاصة، ومساعدتهم بحساب إمكانية السداد من خلال تقدير مصروفهم وأرباح منتجاتهم ومردودهم الإجمالي من المشروع، بالإضافة إلى التنويه إلى دور الديون الحيوي للصحة المالية على المدى الطويل، عند التعامل معها بمسؤولية ووعي من حيث الاستثمار والسداد.

التخفيضات ليست رديفاً للإدخار

غالباً ما نشتري مختلف المنتجات في ظل حسومات وتخفيضات، مما يمنحنا شعوراً بالسعادة، لكننا في الواقع لا نحقق أي إدخار في صرف تلك الأموال؛ حيث قد تفوق قيمة المدفوعات قيمة ما وفرناه.

لذلك من المهم أن نشرح لأطفالنا، الذين يرافقوننا عادةً في رحلات التسوق، أن التوفير خلال التخفيضات جيد من أجل الميزانية، لكنه لا يعني أن ما نوفره يتحول إلى مدخرات إلا عندما ندخر بأنفسنا.

ومن بعد شرح المفاهيم  شجعهم على حساب الفرق بين التخفيضات والسعر الحقيقي للسلع ووضعه ضمن مدخراتهم، سواء في حسابهم المصرفي أو الإلكتروني، أو مجرد حصالة عادية.

الميزانية ضرورية لتحديد قدراتنا المالية

يمثل الإنفاق بتعقل الفرق بين تمتع الأطفال بالامتنان والثقة أو الأنانية وعدم الرضا، ويعد وضع الميزانية الخطوة الأولى لمتابعة النفقات والتأكد من عدم التبذير، والدرس الأكثر أهمية للأطفال في أعوامهم المبكرة، حيث يمكننا مساعدتهم على تخطيط نفقاتهم الأسبوعية، لضمان ادّخارهم لقسم من مصروفهم مهما يكن، بالإضافة إلى توضيح مزايا الالتزام بالميزانية الموضوعة على المدى البعيد.

المال لا يشتري السعادة لكنه أحد مفاتيحها

يسود تصور بأن المال هو أصل كل الشرور، من خلال تحفيزه للصفات السلبية من جشع ومادية وتشتت، لكن لا يمكننا تعميم ذلك، لأنه يملك أيضاً نواحي إيجابية وافرة.

حيث يتوجب علينا التوضيح لأطفالنا أن المال ليس سر السعادة، لكنه قد يساعد على علاج بعض المشاكل وإتاحة الفرص، فضلاً عن جعل العالم مكاناً أفضل لنا ولغيرنا.

أهمية التبرع للأعمال والجمعيات الخيرية.

يعد التبرع بالأموال للمحتاجين من أهم دروس الطفولة الذي يشجع على المشاركة مع الآخرين والاهتمام بهم، لذلك من الضروري ألا ننسى أثناء تعليمنا لأطفالنا المبادئ المالية الأساسية، التي تتمحور غالباً حول زيادة المكاسب الشخصية، توجيههم لفضائل العطاء والكرم، وأن الخير الذي نمنحه لغيرنا يعود إلينا بطرق أخرى، ويمثل ذلك فرصة مميزة لمشاركة قيمنا العليا معهم والعمل سويةً نحو ما نسعى إليه.

وفي ختام مقالتنا، نتطلع لقراءة آرائكم حول الدروس وملامح الثقافة المالية الأخرى الضرورية للأطفال.